الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

ملاك الرب (6)

الفصل الثاني عشر

نواصل في هذا الفصل تأملاتنا في ظهورات السيد المسيح في العهد في شخصية ملاك الرب قبل تجسده.  وسنتحدث عن بعض مدلولات دوره والوظائف التي تضمنها.

ظهورات عديدة لملاك الرب

ارتبط ملاك الرب بأحداث حاسمة في سيرة كل واحد من آباء العبرانيين.  فظهر لإبراهيم وإسحاق تكوين 22: 11 ، 15 - 18 ويعقوب تكوين 31: 11.  وأعلن أيضاً لكل من ظهر له من بعدهم أنه هو الرب إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، كما فعل مع موسى مثلاً.خروج 3: 15-16

لعب ملاك الرب دور المشجع

إن أحد الأدوار التي لعبها ملاك الرب، أي المسيح في العهد القديم قبل تجسده هو دور المشجع.  يحدثنا الوحي أن المديانيين ضايقوا جماعة الرب المؤمنة قديماً.  فأحس المؤمنون من بني إسرائيل بالقهر والإحباط والعجز.  يقول: "صرخ بنو إسرائيل إلى الرب بسبب المديانيين."قضاة 6: 7  وبادر ملاك الرب إلى الظهور لرجل اسمه جدعون.  يقول الوحي: "فظهر له ملاك الرب وقال له: ’الرب معك يا جبار البأس.‘"قضاة 6: 12  لم يميز جدعون حتى هذه اللحظة هوية محدثه. ورأى في كلامه تشجيعاً غير واقعي.  وبدا أنه يرسم صورةً مشرقةً لا تتفق مع معاناة الشعب اليومية ولا مع أحاسيسهم.  ربما اعتبر جدعون كلام محدثه تحيةً خاليةً من المضمون، أو أمنيةً صعبة التحقق أو باعثةً على السخرية.  فأين هو الرب الذي يقول محدثه المجهول إنه معه؟  "فقال له: ’أسألك يا سيدي، إذا كان الرب معنا، فلماذا أصابتنا كل هذه؟  وأين كل عجائبه التي أخبرنا بها آباؤنا قائلين: ألم يصعدنا الرب من مصر؟  والآن قد رفضنا الرب وجعلنا في كف مديان."قضاة 6: 13  ربما يفوح من كلام جدعون هذا كل أنواع الشك في ما وصله عن الرب وقدرته وعجائبه ونجاح مقاصده ونواياه.  فما الذي يرمي إليه هذا الذي يظهر بمظهر المتحدث باسم الرب؟

يوكل مهمات ويعد بالقوة والنصر

غير أن المفاجأة التي تنتظر القراء هي حين يقول الوحي: "فالتقت إليه الرب وقال: "اذهب بقوتك هذه وخلص إسرائيل من كف مديان.  أما أرسلتك؟"قضاة 6: 14  هنا هو الرب نفسه، وليس مجرد رسول منه أو ناطق رسمي باسمه.  أما الأمر الثاني فهو تكليف محدثه له باسمه شخصياً بمهمة إنقاذ إسرائيل. فهو الذي يرسله لهذه الغاية.  وهذا يعني أنه لم ينس شعبه ولم يتخل عنهم على نقيض ما ظن جدعون.  أما الأمر الثالث فهو أنه يؤكد لجدعون أنه سيكون لديه ما يكفي من القوة لتحقيق المهمة المطلوبة.  وهكذا يعد ذاك الذي يقوم بالتشجيع ويزود بالقوة بأن يتوج جهود جدعون بالنصر.  بل إنه جعل إرساله له ضماناً للنجاح بقوله، "أما أرسلتك؟"  ويمضي الوحي ليخبرنا في ما بعد كيف أن جدعون اكتشف أنه كان يتحدث إلى الرب نفسه. قضاة 6: 22-24  وبنى مذبحاً للرب دعاه "يهوه شلوم"، أي الرب سلام.  وفي هذا إدراك لاستحقاق ملاك الرب أو الرب هذا للعبادة.  ويذكرنا قول "يهوه شلوم" قول الوحي في العهد الجديد عن المسيح: "هو سلامنا."أفسس 2: 14 فهو الذي يصنع السلام بيننا وبين الله، وفي حياتنا أيضاً.

ينزع الاكتئاب ويزرع روح الشجاعة

وهكذا حول ملاك الرب جدعون من شخص مهزوم من الداخل إلى شخص منتصر. ونقله من ضعف الشك إلى يقين الإيمان.  وثر هذا بدوره في مصير مة كاملة.

يشجع على مستوى فردي أيضاً

وكان ملاك الرب يعزي ويقوي ويشدد على مستوى فردي أيضاً.  عاملت سارة جاريتها هاجر بقسوة عندما حبلت من زوجها.  فضاقت الدنيا بهاجر وهربت من بيتها مرة النفس.  فسمع ملاك الرب شكوها.  وجاءً لتعزيتها.  نصحها بأن تعود إلى سيدتها وتخضع لها, إذ له خطة لحياتها.  ووعدها، "تكثيراً أكثر نسلك، فلا يعد من الكثرة.  وقال لها ملاك الرب: ها أنت حبلى، فتلدين ابناً وتدعين اسمه إسماعيل (أي الله يسمع) لأن الرب قد سمع لمذلتك."تكوين 16: 10-11

الإدراك أن ملاك الرب هو الله نفسه

أدركت هاجر أن ملاك الرب الذي يتحدث معها هو نفسه الرب.  فمن غيره قادر على تكثير النسل؟  ومن غيره قادر أن يسمع صلاتها ويعرف ما جرى لها؟  يقول الوحي إن هاجر "دعت اسم الرب الذي تكلم معها ’أنت يل رئي‘، لأنها قالت: ’ههنا أيضاً رأيت بعد رؤية؟‘".تكوين 16: 13-14  دعت هاجر اسم الرب "الله المنظور" لأنها رأته في ملاك الرب.  والسبب الذي قدمته هنا هو أنها أبصرت الله الذي يبصرها.  وهو موجود دائماً ويبصرنا ويبصر معاناتنا.  قد نظن أنه لا يرى حالنا ولا يسمع استغاثتنا، لكن هاجر اكتشفت أن الحقيقة هي غير ذلك.  ربما لم يخرج هاجر من ميدان المعاناة، لكنه قواها بأن جعلها تدرك أنه سيكون معها وأنه لن يمنع عنها بركته.  وهو يستطيع أن يفعل معنا ذلك وأكثر.

ملاك الرب يحمي من يتقونه ويخلصهم

أما اختبار داود فكان مختلفاً بعض الشيء.  يقول عن نفسه: "هذا المسكين صرخ، والرب استمعه، ومن كل ضيقاته خلصه.  ملاك الرب حال حول خائفيه، وينجيهم."مزمور 34: 6-7  يستخدم داوود الذي يتحدث هنا بروح الوحي لقبي "الرب و "وملاك الرب" على نحو تبادلي.  فهما واحد.  وهو يقول هنا إن الرب استمع استغاثته وأنقذه من كل ضيقاته.  لم يتركه في ميدان المعاناة ليقويه كما فعل مع هاجر.  فالرب يفعل هذا وذاك.  وهو يعلم متى نحتاج إلى قوة لاحتمال الضيق، ومتى نحتاج إلى الخلاص من الضيق بشكل كامل.  وهو يقول أيضاً إن ملاك الرب يحيط بخائفيه، أي بالذين يتقون ملاك الرب.  إنه يجعل من نفسه سور حماية ونجاة لمن يخافونه، أي لمن يراعون متطلبات رضاه.  وإنه لأمر مطمئن أن يكون لنا مثل هذا الإله المحب إلى جانبنا.

ملاك الرب يعين شمشون

ويخبرنا سفر القضاة أن ملاك الرب هو الذي أمد شمشون بقوته في حياته.قضاة 13  ولا شك أنه هو أيضاً نفس الرب الذي صلى إليه وهو مسجون ومقيد.  فأمده بقوة غير عادية مكنته من هدم المبنى الذي كان فيه على رؤوس أعدائه ورأسه.قضاة 16: 13-31

اسمه عجيب!

غير أن الجدير بالذكر في الرواية التي بشر فيها ملاك الرب منوح والد شمشون به هو الاسم الذي قدم به هذا الملاك نفسه.  تقول كلمة الله: "فقال منوح لملاك الرب: ’ما اسمك حتى إذا جاءً ذكرك نكرمك؟‘  فقال له ملاك الرب: ’لماذا تسأل عن اسمي وهو عجيب؟" قضاة 13: 17-18  وإنه لأمر ذو دلالة خاصة أن هذا هو الاسم الذي أطلقه النبي إشعياء على لسان الله عندما تحدث عن ولادة المسيح.  يقول: "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً.  وتكون الرياسة على كتفه.  ويدعى اسمه عجيباً، مشيراً، إلهاً قديراً، أبداً أبدياً، رئيس السلام."إشعياء 9: 6  ومن شأن هذا أن يوحد ما بين ملاك الرب والمسيح.  وهكذا نجد المسيح يلاحقنا ويحاصرنا في كل مكان في العهدين القديم والجديد.  ولا مهرب من الاعتراف به والتعامل معه.

هو الذي قبل ذبيحة منوح

أما الأمر ذو الدلالة القصوى في هذه الرواية فيخص ما فعله ملاك الرب بتقدمة منوح للرب.  لم يكن منوح، كما ذكرنا، يعرف أنه يتحدث مع ملاك الرب.  فأراد أن يكرم الرب بأن يقدم تقدمةً له في محضر ضيفه غير المعروف له.  يقول الوحي: "فأخذ منوح جدي المعزى والتقدمة وأصعدهما على الصخرة للرب.  فعمل عملاً عجيباً ومنوح وامرأته ينظران.  فكان عند صعود اللهب عن المذبح نحو السماء أن ملاك الرب صعد في لهيب المذبح ومنوح وامرأته ينظران.  ولم يعد ملاك الرب يتراءى لمنوح وامرأته.  حينئذ عرف منوح أنه ملاك الرب." قضاة 13: 19-21  عمل هذا الكائن العجيب الاسم عملاً عجيباً في توافق مع اسمه.  فقد صعد في لهيب المذبح، مبيناً أن التقدمة هي له وأنه قبلها.  وما كان له أن يمس الذبيحة لولا ذلك.  فقد كان منوح وامرأته يكرمان الرب نفسه وهما لا يدريان.  "فقال منوح لامرأته:  "نموت موتاً لأننا قد رأينا الله." قضاة 13: 22  وهكذا أظهر ملاك الرب أنه هو المعبود الذي ترفع إليه القرابين.

خلص إيليا من جبنه

وتصدى ملاك الرب لحاجة النبي إيليا أيضاً.  هددته الملكة إيزابل بالقتل.  فجبن وهرب ويئسً من الحياة.  وتخبرنا كلمة الله بأنه "طلب الموت لنفسه". 1 ملوك 19: 4  وهناك ظهر له ملاك الرب وتعامل مع وضعه.  أظهر له قدرته الخارقة في سلسلة من الظواهر الخارقة للطبيعة. 1 ملوك 19: 11-13  فجعله هذا يدرك أنه يتبع إلهاً قادراً لا عاجزاً عن حمايته.  وهكذا لا يوجد أي مبرر لليأس والمسيح معنا.  فهو قادر على قهر ظروفنا وزرع شموسه في ليالينا. فلنعبر له عن إيماننا المطلق به.

المسيح يواصل خدمة التشجيع في العهد الجديد

وقد واصل المسيح في العهد الجديد خدمة التعزية.  فكان يشفق ويتحنن ويشفي.  تقول كلمة الله: "فلما خرج يسوع أبصر جمعاً كثيراً، فتحنن عليهم وشفى مرضاهم." متى 14: 14  وهو يعزي المؤمن بمعنى أنه يعينه ويسنده لئلا يسقط عند الضعف.  وهو يظل إلى جانب المؤمن به يمده بالقوة اللازمة لمواجهة الحياة وتجاربها.  وهو يعد قائلاً: "وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر."متى 28: 20  وهو يعزي حين يشيع في نفوسنا سلامة في الأوقات الصعبة.  وهو يعطينا سلاماً من خلال تطمين المؤمن به على مصيره الأبدي.  قال: "الحق الحق أقول لكم: إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة."يوحنا 5: 24  إنه رئيس السلام ومصدره.  يقول لتلاميذ والمؤمنين به من بعدهم: "سلاماً أترك لكم.  سلامي أعطيكم.  ليس كما يعطي العالم أعطيكم."يوحنا 14: 27  ونحن لهذا لا نقول: "المسيح عليه السلام."  بل نقول: "المسيح سلامه علينا."  إنه لا يحتاج إلى سلام من أحد.  ولا يوجد عند أحد سلام يمكن أن يعطيه للمسيح.  فيسوع  قادر على الدوام أن يهب نفسه الملأى بالسلام للآخرين.  ومن لا يؤمن بالمسيح لن يعرف لا السلام مع الله ولا مع النفس.  فلنطلب المسيح, ومعه رزم البركات التي يريد أن يمطر بها علينا.

أسئلة الفصل الثاني عشر

كيف شجّع ملاك الرب جدعون؟

كيف عرفت هاجر أن الملاك الذي كلّمها هو الله؟ وهل أخرجها من ظرفها الصعب؟

اذكر عدة طرق يعزّي بها المسيح المؤمنين به؟


www.agape-jordan.com - 2005