الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

ملاك الرب (8)

الفصل الرابع عشر

 

نواصل في هذا الفصل تأملاتنا في السيد المسيح قبل تجسده بصفته ملاك الرب في العهد القديم.  وسنتحدث عن دوره بصفته المخلص.

 

قصة سقوط آدم وحواء 

يظهر أول تلميح إلى السيد المسيح في العهد القديم بصفته مخلص الجنس البشري في بدايات سفر التكوين.  كان إبليس المتخفي في ثوب حية قد أغوى حواء على عصيان الله.  واختار آدم في فزعه وخوفه من الوحدة أن يربط نفسه بمصير امرأته، فأكل هو أيضاً من الثمرة المحرمة.  فجاء إعلان غضب الله على إبليس الممثل في تلك الحية.  "فقال الرب الإله للحية: ’لأنك فعلت هذا، ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية.  على بطنك تسْعين وتراباً تأكلين كل أيام حياتك.  وأضع عداوةً بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها.  هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه."تكوين 3: 15-16.

 

وعد الله بمخلص هو نسل المرأة 

لا بد أن نلاحظ هنا عدة أمور.  أولاً، لقد أوقع الله على إبليس دينونةً طوال مدة وجوده.  فلا رجاء ولا نصيب له مع الله.  ثانياً، ليس إبليس معادياً لله فحسب، بل هو معاد أيضاً لكل الجنس البشري.  وهو الذي سعى ويسعى إلى خرابهم وإبعادهم عن الله بأشكال متنوعة من الأكاذيب والخدع والإغراءات.  ثالثاً، إن من سيتصدى بنجاح إلى مواجهة الحية فيسحق رأسها هو نسْل المرأة.  رابعاً، لا يشير نسل المرأة هنا إلى الجنس البشري بشكل عام.  فقد كان هذا الجنس البشري على الدوام فريسةً لإبليس.  وقد كبله إبليس باللعنات والآثام والأمراض والمفاهيم الخاطئة والجهل والخوف من الموت مبعداً البشر عن الله.  لكن هذا النسل يشير إلى شخص واحد محدد.  والدليل اللغوي المتضمن قاطع في هذا الأمر؛ إذ يشار إليه بلغة المذكر العاقل المفرد:  "هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه."  خامساً، لن يكون هذا الذي سيحتاجه البشر لتخليصهم من إبليس وقوته من نسل آدم، بل من نسل المرأة تحديداً.  فلن يأتي نتيجة اتحاد جسدي بين رجل وامرأة.  وإنه لمن الجدير بالذكر في هذا المجال أنه لم يكن للسيد المسيح أب بشري.  وهو وحده الذي ينطبق عليه لقب "نسل المرأة".  ولا بد له أن يتصدى لإبليس بصفته ممثلاً للجنس البشري.  سادساً، إن من الملاحظ هنا أن الخلاص الذي سيحققه نسل المرأة هذا موجه ضد إبليس.  فلن يكون خلاصاً لمجموعة أو فئة معينة أو عرْق معين على حساب جهة بشرية أخرى.  لن يكون خلاصاً سياسياً أو عسكرياً أو اقتصادياً يحتم سقوط ضحايا مأسوف أو غير مأسوف عليهم من البشر.  لن يكون خلاصاً مدفوعاً ببغض تجاه شعب من الشعوب أو جنس من الأجناس.  لكنه سيكون خلاصاً لكل الجنس البشري الذي سيأخذ نسل المرأة، أي المسيح، طبيعتهم البشرية عندما يتجسد.  يقول الوحي: "فإذْ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما، لكل يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس." عبرانيين 2: 14.

 

بذل المسيح نفسه من أجل خلاصنا وخيرنا

لقد جلب مخلصو الشعوب والعالم المزعومون الموت والخراب على جماعات كثيرة في سبيل تحقيقهم لأهدافهم الضيقة.  ولم تسْلمْ حتى جماعاتهم نفسها منهم.  أما المسيح، فجلب خلاصه الحياة للجميع.  يقول: "أتيت لكي تكون لهم حياة وليكون لهم أفضل."يوحنا 10:10.  أما الملاحظة السابعة والأخيرة حول النص الذي نتناوله من سفر التكوين فهي أن انتصار المسيح وخلاصه لن يأتي دون ثمن.  لكن لن يضحي محقق الخلاص هذا بأتباعه أو حتى بأعدائه من أجل تحقيق الخلاص.  بل سيعرض نفسه إلى نوع من الضرر الجسدي كتكلفة للخلاص.  وهذا أمر متضمن في قول الرب لإبليس المتمثل في هيئة الحية: "وأنت تسحقين عقبه."  ويستحضر هذا إلى أذهاننا بقوة صورة المسيح المصلوب وقد ثقبت المسامير يديه ورجليه.  يقول داود بالروح على لسان المسيح متنبئاً بطريقة موته: "ثقبوا يدي ورجلي."مزمور 22: 18.  وبطبيعة الحال, فقد مات المسيح على الصليب.

 

حدث حقيقي يرمز لخلاص المسيح 

رسم المسيح في شخص الرب أو ملاك الرب في العهد القديم صورةً مصغرةً رمزيةً مسبقةً للخلاص الفعلي الكامل الذي سيحققه في العهد الجديد.  فكان تحريره لذرية إبراهيم من العبودية في مصر صورةً لتحريره للبشر من سطوة إبليس وقوته.  قال الرب لموسى: "إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر وسمعت صراخهم من أجل مسخريهم.  إني علمت أوجاعهم، فنزلت لأنقذهم من يد المصريين."خروج 3: 7-8.  لنلاحظْ أن الرب رأى وسمع وعرف كل شيء عن حالة الذل التي رزح تحتها شعبه قديماً.  كانوا يئنون تحت قبضة فرعون التي لا ترحم.  تلذذ فرعون في اضطهادهم وتعذيبهم كما يتلذذ إبليس، وهو فرعون آخر، بالتسلط على البشر.  فكان لا بد أن يتدخل الرب مدفوعاً برحمته ورأفته.  ولهذا بادر كما يقول إلى النزول من أجل إنقاذهم.  ونحن نحتاج إلى إنقاذ وتحرير كما احتاجوا هم.  استعبدهم فرعون سياسياً، ويستعبد إبليس البشر روحياً.

 

مخلص واحد

يشترك العهدان القديم والجديد في التوكيد على وجود مخلص واحد.  وهذا المخلص في العهد القديم هو الرب.  يقول: "أليس أنا الرب ولا إله آخر غيري؟  إله بار ومخلص.  ليس سواي.  التفتوا إلي واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض، لأني أنا الله وليس آخر."إشعياء 45: 21-22.  ويقال في العهد الجديد إن المسيح هو المخلص الوحيد.  قال بطرس تلميذ المسيح ورسوله في دفاعه عن تبشيره باسم المسيح: "وليس بأحد غيره الخلاص، لأنْ ليس اسم آخر تحت السماء، قد عطي بين الناس، به ينبغي أن نخلص." أعمال 4: 12.

 

يسوع المسيح هو المخلص 

ارتبط الخلاص باسم يسوعً المسيح منذ البشرى بولادته. قال الملاك مخاطباً يوسف خطيب مريم القديسة المباركة: "ستلد (مريم) ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم."متى 1: 21.  يعني الاسم يسوع "الرب يخلص."  والملاحظة الأولى هنا هي أن اسم يسوع يتضمن هويته الشخصية بصفته الرب.  ودليل ذلك في النص هو أنه هو الذي يخلص شعبه.  ويعبر النص الأصلي عن هذه الفكرة بنبرة توكيدية.  وربما كانت الطريقة المثْلى لترجمة النص هي:"وتدعو اسمه يسوع؛ فهو الذي سيخلص شعبه من خطاياهم."  والملاحظة الثانية هي أن الشعب هو شعب يسوع كما يشير الضمير المتصل في كلمة "شعبه".  واسم يسوع هو القرينة السابقة المباشرة لهذا الضمير المتصل.  وسواء أكان المقصود بالشعب هنا بني إسرائيل أم جماعة المؤمنين بالمسيح من كل مة، فإنهم شعبه.  وإن من الواضح للمطلع على لغة الكتاب المقدس أن الشعب المؤمن لا يكون إل شعب الرب أو شعب الله.  والفكرة هنا هي أن يسوع يأخذ هذا الاسم عن جدارة واستحقاق. فهو اسم على مسمى. والملاحظة الثالثة هي أن هذا الخلاص سيكون روحياً لا سياسياً، لأنه خلاص من الخطايا.  والخطايا ليست مقصورةً على شعب دون آخر.  وهذا هو ما يرجح البعد البشري الشمولي للخلاص.

 

شهادة أهل السامرة   

ونحن نجد توكيداً لهذا الأمر في شهادة السامريين الذين قابلوا يسوع وآمنوا به.  تقول كلمة الله: "وقالوا للمرأة:  إننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن، لأننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم."يوحنا 40: 42.  لنلاحظ هنا وجود "أل" التعريف في "مخلص العالم"، مما يجعل المسيح المخلص الوحيد.  إنه مخلص العالم.  وأنت عزيزي المستمع، جزء من هذا العالم.  ويعني هذا أن لك في يسوع وخلاصه حصةً ونصيباً.  فاطلبْ منه الخلاص الذي يخصك.  قلْ له: خلصْني.  أنا قبل خلاصك.

 

الله المخلص العظيم ويسوع واحد

ونحن نجد في رسالة بولس رسول المسيح إلى تيطس توضيحاً محدداً لهوية هذا المخلص دون تردد أو اعتذار.  يقول إن على المؤمنين أن يعيشوا "منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح."تيطس 2: 13.  استخدم الوحي هنا كلمة "مخلصنا" كبدل من لفظ الجلالة, الله, الذي وصفه بالعظيم.  ويكرر بولس نفس هذا المبدأ في موضع آخر من الرسالة حين يقول: "ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه."تيطس 3: 4.  وهنا جاءت كلمة "الله" بدلاً من "مخلص".  فالله هو المخلص.  ويعود ليقول: "خلصنا بغسْل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا."تيطس 3: 5-6. 

وهكذا يصادق العهد الجديد على ما سبق أن قاله العهد القديم.  فهنالك مخلص واحد هو الله.  وهو نفْس يسوع المسيح.

 

الوصف الغالب ليسوع هو المخلص  

لقد غلبتْ على يسوع صفة المخلص أكثر من أية صفة أخرى.  إذْ يذكر أنه المخلص أكثر مما يذكر أنه الشافي أو المرشد مثلاً.  فالخلاص هو إنجازه الأعظم المميز.  فلنتعرفْ بعض الأمور التي يخلصنا منها المسيح.  تقول كلمة الله إن المسيح هو "الذي بذل نفسه لأجل خطايانا لينقذنا من العالم الحاضرة الشرير حسب إرادة الله وأبينا."غلاطية 1: 4.  إن إرادة الله الصالحة لنا هي أن لا ندان مع الذين يرفضون نعمة الله وغفرانه.  ولهذا جعل من المسيح ملجأً لكل من يريد أن يتقي غضب الله العادل المستحق على الأشرار.

 

يخلص من الجحيم والمؤامرات والأخطار

ويقول بولس رسول المسيح معبراً عن ثقته في حفظ المسيح له من كل موآمرات البشر: "وسينقذني الرب من كل عمل رديء ويخلصني لملكوته السماوي الذي له المجد إلى دهر الدهور. آمين."2 تيموثاوس 4: 18.  وهكذا فإن حفْظ المؤمن في حالة الخلاص هو مسؤولية الرب نفسه.

 

المسيح هو رئيس الخلاص

تدعو كلمة الله المسيح لا المخلص فحسب, بل رئيس الخلاص أيضاً.  يقول كاتب الوحي في عبرانيين 2: 10 "لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام."  ورئيس الخلاص هو مصدر الخلاص.  إنه المسؤول عن تدبير الخلاص وتنفيذه من أول خطوة حتى آخر خطوة. وهو لا يشارك آخرين في هذه المهمة, وليس لدى غيره ما يسهم فيه في هذا المجال.  فالخلاص الذي أنجزه على الصليب كان كاملاً غير منقوص.  ولهذا كان آخر ما نطق به يسوع على الصليب "قد كْمل" (يوحنا 19: 30).  إنه هو المخلص الإلهي الذي تجسد فصار إنساناً قابلاً للموت لكي يموت عنا.  ولولا ذلك لكنا ما زلنا بغير مخلص وغير رجاء.      

 

 يقدر أن يخلصك من خوفك من الموت 

وما دام المسيح قد ضمن الحياة الأبدية لكل من يؤمن به ويتكل عليه، فإنه "يعْتق أولئك الذين خوفاً من الموت، كانوا كل حياتهم تحت العبودية."عبرانيين 2: 15.  لا داعي لأن يخشى المؤمن بالمسيح الموت.  فقد أبطل المسيح الموت "وأنار الحياة والخلود."2 تيموثاوس 1: 11.  وينتظرنا على معْبر الموت, أو لنقلْ, على الطرف الآخر من الحياة إله محب.

 

فداء المسيح يصور لنا مقدار محبة الله لنا 

لا يسع المرء أن يكف عن الانبهار بخلاص المسيح.  فخلاصنا عظيم لأن مخلصنا عظيم.  فما فعله المسيح على الصليب يستمد قيمته من قيمة المسيح نفسه، ذلك الإله المتجسد.  ويترتب على هذا أن قيمة الإنسان عظيمة لدى الله، وأن محبة الله للإنسان فائقة للعقل والتصور.  فقد دفع فيه الله أغلى ثمن لكي يحوله عن طريق الجحيم.  ويوحي هذا أيضاً بأن ما خلصْنا منه عظيم في فظاعته ومداه.  فقد خلصنا المسيح من دينونة مخيفة رهيبة – عذاب أبدي في جحيم بعيداً عن كل حياة ونعمة ورحمة ورجاء.  ويأتي بنا هذا إلى موضوع المسيح الديان.  وهو موضوعنا في الفصل القادم.

 

 أسئلة الفصل الرابع عشر
 كيف تعرف أن "نسل المرأة" في تكوين 3 يشير إلى شخص محدد، لا إلى الجنس البشري كافة؟
كيف يلمّح تكوين 3 إلى صلب المسيح وهزيمة إبليس؟
لماذا سُمّيَ يسوع بهذا الاسم؟
قال أهل السامرة إن المسيح هو "مخلّص العالم". ماذا تفهم من هذا الكلام؟
هل قبلت خلاص المسيح؟

 


www.agape-jordan.com - 2005