الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

ظهورات ما بين العهدين

الفصل السابع عشر

 

سنتناول في هذا الفصل ظهورات السيد المسيح ما بين العهدين القديم والحديث.  وسنتناول هذا الأمر بشكل عام في ضوء الإعلانات الإلهية في العهد الجديد.

 

هل رأى الآباء الله حقاً؟ 

بينا في الحلقات السابقة أن ملاك الرب الذي ظهر في العهد القديم اتخذ أسماءً أخرى.  فقد اتخذ اسم الرب يهوه.  واستخدم أيضاً اسم الله للإشارة إلى نفسه.  واستخدم آخرون هذين الاسمين للإشارة إليه.  لم يتحدث ملاك الرب عن الله أو يهوه بصفته كائناً غائباً أو شخصاً آخر أو حتى بصفته ناطقاً باسمه.  بل تحدث عنه بصفته المتكلم وصاحب الرسائل والإعلانات.  قدم نفسه بصفته المرجع النهائي للدعوات، وموجه مسار التاريخ, والمعبود وقاطع العهود.  وهنا تواجهنا في العهد الجديد مشكلة صغيرة لا بد من حلها حتى نقبل هذا الطرح دون تحفظ.  فإن كان ملاك الرب، أي المسيح قبل تجسده، مؤهلاً لحمل لقب الله، فلماذا يقول الوحي الإلهي: "الله لم يره أحد قط.  الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر"يوحنا 1: 18.؟  ألا يتناقض هذا مع قول أشخاص كثيرين في العهد القديم إنهم روا الله، مثل هاجر ومنوح وزوجته وإشعياء؟  وفضلاً عن ذلك، فإن بعض الذين عاشوا في زمن المسيح رأى المسيح الذي تقول كلمة الله إنه الله والرب. 

لا بد لنا أن ندرك أن الوحي ينسب لقبي الله والرب إلى المسيح وإلى الروح القدس بالإضافة إلى الله الآب.  فالله الآب والله الابن والله الروح القدس واحد في الجوهر.  فإذا استخدم الوحي تعبير "الله" أو "الرب"، فإنه قد يستخدمهما للإشارة إلى أي منهم.  فعلى سبيل لمثال، يقول بطرس تلميذ يسوع المسيح ورسوله عنه: "هذا هو رب الكل."أعمال 10: 36.  ويقول الوحي عنه: "وكان الكلمة الله."يوحنا 1:1.  ويصف المسيحً أيضاً بأنه "الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد."رومية 9: 5

 

ينطبق لقبا الله والرب على الآب والابن والروح القدس 

ويقول الوحي عن الروح القدس: "وأما الرب فهو الروح، وحيث روح الرب هناك حرية." 2 كورنثوس 3: 17.  ويقول أيضاً: "لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله.  لأن من من الناس يعرف أمور الإنسان إل روح الإنسان الذي فيه؟  هكذا أيضاً أمور الله لا يعرفها أحد إل روح الله."1 كورنثوس 2: 11.  فالوحي يتحدث عن الإنسان وروحه ككيان واحد، ثم يطبق نفس الأمر على الله وروح الله.  فهو يجعل روح الله على نفس مستوى الله.  وقال بطرس لحنانيا: "لماذا مل الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس؟... أنت لم تكذب على الناس، بل على الله." أعمال 5: 3-4.  وهكذا فإن الروح القدس هو نفسه الله.  ويتحدث الوحي أيضاً عن أجساد المؤمنين بصفتها هيكلاً للروح القدس الذي يسكنها: "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم، الذي لكم من الله، وأنكم لستم لأنفسكم."1 كورنثوس 6: 19.  فلا يجوز أن يكون الهيكل إل للإله المعبود نفسه.  ونحن نعرف أن الروح القدس لا يرى، شأنه في ذلك شأن الريح.

 

لم يتجسد لا الآب ولا الروح القدس   

وتخبرنا كلمة الله أن الذي تجسد في صورة بشرية هو الله الابن في المسيح.  وعلى هذا ، حين يقول إن "الله لم يره أحد قط"، فإنه يشير إلى الله الآب والله الروح القدس.  وهو لا ينفي أبداً أن المسيح هو الله.  فقد حظي أشخاص بشرف معاينته.  لكن بقية الآية توضح المزيد.  فالابن الوحيد هو الذي أعلن الله وكشفه في ذاته وشخصه.  لماذا؟  لأن المسيح يحمل في ذاته نفس الجوهر الإلهي الذي يحمله الله الآب.  وهذا هو ما جعل المسيح يقول: "أنا والآب واحد."يوحنا 10: 30  فليس هنالك اشتراك في الطبيعة الإلهية الواحدة المجيدة فحسب، بل أيضاً توحد في اتجاهات الفكر والقصد والعواطف والإرادة.  وقال أيضاً: "الآب في وأنا فيه." يوحنا 10: 38.  فهنالك حلول مشترك بينهما.  وإنه لأمر هام أيضاً أن ندرك أن من رأى المسيح بعينيه, فقد رأى الله متجسداً؛ أي أنه رأى الجسد الذي حل فيه اللاهوت وشع من خلاله, ولم ير اللاهوت المجرد.  فلا يقدر أحد أن يرى اللاهوت كما هو في هذه الحياة.  ويتعين على المؤمنين بالمسيح أن ينتظروا حتى الحياة الأخرى لكي يعاينوا الله.  يقول يسوع "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله." متى 5: 8

 

من يعرف الابن يعرف الآب 

كان السيد يحث تلاميذه على الدوام على الاقتراب إليه لمعرفته عن كثب.  ومعرفته أمر لا يستنفذ.  إنها معرفة تبد الآن, لكنها عملية تستمر طوال الأبدية.  قال لهم مثلاً: أنا هو الطريق والحق والحياة.  ليس أحد يأتي إلى الآب إل بي.  لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً.  ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه."يوحنا 14: 6-7.  هذا كلام كبير!  لقد تجسد المطلق في المسيح، فاكتسب بهذا أبعاداً محددةً ملموسةً للبشر.  لم يعد المطلق في ارتباطه بالله أفكاراً مجردةً يراها كل فيلسوف ومفكر ومتأمل على هواه وكما يقوده خياله.  فكل شيء يعتمد الآن على الإعلان الإلهي في المسيح.  فلا مجال للنسبية والاجتهاد والاختلاف.  فكل شيء مجتمع ومحدد فيه.  فإن سألت عن الحق، فهو المسيح بجوهره وصفاته وما يمثله ويقوله ويصدر عنه.  وإن سألت عن الحياة ومعناها وغايتها، فإن الجواب ينتظرك في المسيح.  وعبثاً يبحث المرء عن الله خارج المسيح.  صار الحق محدداً ومركزاً ومشخصاً.  ولهذا صار اتخاذ أمر واضح منه أمراً ممكناً.  أما المثل والمعاني المجردة أو الهلامية التي تحتمل الاختلاف باختلاف من يتناولونها فلا قيمة لها.  بل إنه لا يوجد لها وجود موضوعي.  وقد يكون لأي رأي فيها قيمة مساوية لأي رأي آخر.

 

المسيح هو إعلان الله الكافي

ربما كان هذا أمراً غير واضح لدى فيلبس تلميذ المسيح.  قال فيلبس لسيده: "يا سيد، رنا الآب وكفانا." يوحنا 14: 8.  لم يعرف فيلبس سيده حق المعرفة بعد.  ولهذا ظن أنه سيجد في الله الآب أكثر مما رأى حتى ذلك الحين في المسيح.  فقال له يسوع مستغرباً مستنكراً: "أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس!  الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت: رنا الآب؟  ألستً تؤمن أني في الآب والآب في؟"يوحنا 14: 9-10.  فلو أن فيلبس أدرك هوية سيده لوجد الله في كماله وملئه.  والمرء لا يعرف الله الآب حق المعرفة إل عندما يعرف المسيح حق المعرفة أولاً.  وهذا أمر غير متاح عند أحد غيره.  فمن أراد أن يرى الله على طبيعته، فلينظر إلى وجه المسيح.  يقول الوحي: إن المسيح هو "صورة الله."2 كورنثوس 4:4.  فالله غير المنظور يصير منظوراً في المسيح.  وهذا هو الهدى.  تقول كلمة الله: "لأن الله الذي قال: ’أن يشرق نور من ظلمة‘ هو الذي أشرق في قلوبنا، لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح." 2 كورنثوس 4: 6. 

يمثل المسيح كمال إعلان الله عن نفسه.  فهو "صورة الله غير المنظور."كولوسي 1: 15.  فمع أن المسيح ليس الله الآب، إل أن من يراه يرى الله الآب.  هذه هي فرادة الاتصال بالمسيح.  فهو يوصلنا إلى الله مباشرةً.  إنه الطريق المختصرة إلى الله. 

 

صار الله منظوراً ومسموعاً وملموساً في المسيح 

شكلت ظهورات المسيح في العهد القديم في صورة ملاك الرب تمهيداً وتوقعاً لتجسده في العهد الجديد.  ولهذا عبر الذين تواصلوا معه عن فرحهم الغامر لأنه تيحت لهم فرصة رؤية الحياة وجهاً لوجه.  يقول يوحنا تلميذ المسيح ورسوله بوحي الله عن المسيح: "الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه، ولمسته أيدينا، من جهة كلمة الحياة.  فإن الحياة ظهرت، وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وظهرت لنا."1 يوحنا 1: 1-2.

 

كان لاهوته مدركاً على الرغم من تجسده 

ظهر ملاك الرب قديماً مجللاً بسحاب المجد.  فأوقع الرهبة في نفوس بني إسرائيل. ولقد رافقه شيء من هذا المجد حتى في تجسده.  يقول يوحنا بوحي الله عن المسيح: "والكلمة صار جسداً وحل بيننا، ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمةً وحقاً." يوحنا 1: 14.  يتحدث يوحنا عن المجد الذي رأوه في المسيح بصفته لائقاً وجديراً به كابن وحيد لله.  كان المجد الذي رأوه فريداً.  وعلى الأرجح أن الإشارة هنا ليست إلى مظاهر سماوية خارجية باهرة، بل إلى مجد نابع من طبيعته وجوهره الكاملين.  فهو يتحدث عنه بصفته مملوءاً نعمةً وحقاً.  فهذه عناصر من لوهته لا تستنفذ.  إنه مملوء نعمة إلى درجة الفيض.  وهو مملوء حقاً إلى درجة عدم النقص عن كمال اللاهوت.  والفكرة هنا هي أنه مصدر لكل نعمة كما تؤكد كلمة الله في مواضع كثيرة.  إنه مجد متأصل غير مكتسب بفعل عوامل متغيرة.  إنه مجد قادر أن يعطي ويعطي دون أن ينقص شيئاً.  يقول يوحنا بوحي الله: "ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا.  ونعمةً فوق نعمة."  يوحنا 1: 16.

 

المعجزات تعكس شيئاً من مجده 

ولقد أعطى يسوع لمحةً عن قدرته المجيدة عندما صنع المعجزات.  فبعد أن حول الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل, يقول الوحي: "هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل، وأظهر مجده، فآمن به تلاميذه." يوحنا 2: 11.  ولا شك أن معجزات يسوع ذكرت التلاميذ بالمعجزات التي سبق أن أجراها بصفته ملاك الرب في العهد القديم.

 

أظهر يسوع مجده في حدث التجلي 

غير أن يسوع أظهر مجده أيضاً بطريقة جسدية مادية.  كان يسوع على الجبل يناجي أباه السماوي.  "وفيما هو يصلي صارت هيئة وجهه متغيرة"، ولباسه مبيضاً لامعاً.  وإذا رجلان يتكلمان معه، هما موسى وإيليا اللذان ظهرا بمجد، وتكلما عن خروجه الذي كان عتيداً أن يكمله في أورشليم.  وأما بطرس واللذان معه فكانوا قد تثقلوا بالنوم.  فلما استيقظوا رأوا مجده، والرجلين الواقفين معه.  وفيما هما يفارقانه قال بطرس ليسوع: ’يا معلم، جيد أن نكون ههنا.  فلنصنع ثلاث مظال: لك واحدةً، ولموسى واحدةً، ولإيليا واحدة,‘  وهو لا يعلم ما يقول.  وفيما هو يقول ذلك كانت سحابة فظللتهم.  فخافوا عندما دخلوا في السحابة.  وصار صوت من السحابة قائلاً: ’هذا هو ابني الحبيب.  له اسمعوا.‘  ولما كان الصوت وجد يسوع وحده."  لوقا 9: 29 – 36.

 

انظروا إلى يسوع وحده 

أخذت هيئة يسوع ولباسه لمعاناً سماوياً يهدف إلى تركيز الأنظار عليه.  وجاء زائران من السماء كانا قد غادرا هذه الأرض قبل مدة طويلة، هما موسى وإيليا.  ولقد ظهرا بمجد.  وإن ما يستوجب الملاحظة هنا هو أن ما كان يشغلهم هو خروج يسوع، أي موته وقيامته وصعوده.  ويشبه الوحي خروج يسوع هذا بخروج بني إسرائيل من مصر قديماً.  فقد خلصهم ملاك الرب قديماً من عبودية فرعون؛ والآن سيخلص المسيح البشر من عبودية أقسى, هي عبودية إبليس والخطية.  فهذا هو الحدث المنتظر منذ القديم.  فلما استيقظ بطرس ويوحنا ويعقوب "رأوا مجد يسوع، والرجلين الواقفين معه."  لم يعد الوحي يتحدث هنا عن مجد موسى وإيليا في ضوء مجد المسيح.  لكن بطرس لم يفهم دلالة هذا الأمر.  فكان يتكلم "وهو لا يعلم ما يقول."  أراد بطرس أن يكرم الزائرين السماويين وأن يستبقيهما.  فعرض أن يصنع ثلاث مظال: واحدةً ليسوع، وثانيةً لموسى، وثالثةً لإيليا، واضعاً إياهما على قدم المساواة مع يسوع.  فجاءت سحابة وغطت الجميع بهدف تغيير المشهد وتغيير إدراك التلاميذ له.  فلم يعودوا يبصرون إل يسوع وحده يمل عيونهم.  فجاء صوت الآب السماوي لكي ينبه التلاميذ إلى ما فاتهم إدراكه في مشهد التجلي.  قال لهم: "هذا هو ابني الحبيب.  له اسمعوا."  فلا وجه للمقارنة بين يسوع والأنبياء.  ولا مسوغ للتركيز على أحد غير يسوع أو بالإضافة إليه.  فهذا الذي سيموت ويقوم ويصعد إلى السماء هو ابن الله.  وهو وحده مستحق أن نصغي إليه ونطيعه.

 

مسيح سفر الرؤيا يذكر بملاك الرب 

وإن من الجدير بالذكر أن ظهورات المسيح المقام المجيد في سفر الرؤيا تذكر بقوة بظهورات ملاك الرب في العهد القديم. مثلاً رؤيا 1: 14-16 بالمقارنة مع دانيال 11: 6 وحزقيال 1: 26 فصاعداً.  وليس هذا بغريب.  فهما واحد.  فهل قابلت, أخي الكريم, المسيح الحي؟

 

أسئلة الفصل السابع عشر

يقول الوحي، "الله لم يره أحد قط." فكيف يكون هذا صحيحاً إن كان المسيح، وهو الله، قد ظهر أزمنة  العهدين القديم والجديد؟

أَورِد آية تبيّن أن الروح القدس هو الله؟

علِّق على العبارة التالية: "صار الله ملموساً في المسيح"؟

 


www.agape-jordan.com - 2005