الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

 وجود المسيح السابق

الفصل الثاني

 

 نواصل في هذا الفصل تأملاتنا المبنية على كلمة الله في مسألة أزلية السيد المسيح.

ضرورة إثبات أزلية المسيح

إن من شأن إثباتنا لأزلية السيد المسيح أن يثبت أمرين: إنه يثبت دون جدل أن السيد المسيح غير مخلوق وأنه كامل اللاهوت.  ويثبت أيضاً ركيزةً لا غنى عنها في الإيمان بعقيدة الثالوث، أي وجود اللاهوت الواحد في ثلاثة أقانيم.  وما لم يكن المسيح أزلياً في وجوده، فإنه لا مجال للإيمان بعقيدة الثالوث أصلاً.  ولا شك أن كلمة الله تقدم أدلةً أكثر من كافية على الإيمان بأزلية المسيح.  وسنركز هنا على وجود المسيح سابقاً لولادته.

 

وجود المسيح السابق لولادته

إن كان السيد المسيح موجوداً منذ الأزل، كما يؤكد الكتاب المقدس، فلا مفر من أن يكون وجوده سابقاً لولادته.  وهكذا تختلف ولادة السيد المسيح عن ولادة أي بشر.  إذ يبد وجود أي كائن بشري بالحبل به أو بولادته.  أما السيد المسيح، أي كلمة الله، فكان قبل أن يولد.  فلم تكن له بداية.  لنبد  ببعض الشهادات التي تقدمها بعض شخصيات الكتاب المقدس حول هذا الموضوع.  ولنبد بشهادة يوحنا المعمدان الذي جاء ليعد الطريق لظهور السيد المسيح.

 

شهادة يوحنا المعمدان

أشار يوحنا المعمدان إلى يسوع قائلاً، "هذا هو الذي قلت عنه:  يأتي بعدي رجل صار قدامي، لأنه كان قبلي. "يوحنا 1: 15  إن ما يقوله يوحنا بوحي الله هنا هو أن السيد المسيح الذي ولد بعده كان موجوداً قبله.  لكن هذا ليس كل ما يقوله.  إذ تعني "كان قبلي" أنه "كان أولاً بالنسبة لي."  ويعني هذا أن للسيد المسيح أوليةً وتميزاً عليه بفضل وجوده السابق وهويته.  ولهذا فإن من العبث أن يحسده أحد على ذلك.  جاء بعض اليهود إلى يوحنا محاولين زرع بذار الحسد في نفسه تجاه يسوع الذي بد الناس يحولون اهتمامهم إليه.  قالوا له:"يا معلم, هوذا الذي كان معك في عبر الأردن, الذي أنت قد شهدت له, هو يعمد, والجميع يأتون إليه."يوحنا 3: 26  قال يوحنا ضمن جوابه:" الذي يأتي من فوق (أي المسيح) هو فوق الجميع, والذي من الأرض (أي يوحنا وكل البشر الآخرين) فهو أرضي." يوحنا 3: 31  فلا مجال ولا نفع للحسد.

 

شهادة يوحنا تلميذ المسيح

أما الشهادة الثانية فهي ليوحنا الحبيب, تلميذ المسيح ورسوله. يكتب إلى المؤمنين بوحي الله قائلا عن المسيحً:"وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وظهرت لنا." 1يوحنا 1: 2  وتفيد كلمة "عند" معنى الملازمة. وهكذا كان مجيء المسيح إلى عالمنا إظهاراً لمن كان موجوداً بالفعل مع الله الآب وملازماً له قبل ولادته. وتنسجم شهادة بولس,الرسول المختار, مع هذا النص.  يقول عن المسيح إنه:"السر المكتوم منذ الدهور ومنذ الأجيال, لكنه الآن قد ظهر لقديسيه."كولوسي 1: 26    فإن كان هنالك من لم يعرف عن المسيح قبل مولده, فليس معنى هذا أنه لم يكن موجوداً.  فالجهل بأمر لا يلغيه.

 

شهادة المسيح نفسه

أما الشهادة الرابعة التي سنقدمها فهي شهادة السيد المسيح نفسه.  قال السيد المسيح مشيراً إلى نفسه، "وليس أحد صعد إلى السماء إل الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء."يوحنا 3: 13  يقول السيد المسيح الذي أطلق على نفسه لقب ابن الإنسان إنه نزل من السماء.  فوجوده لم يبد على هذه الأرض.  ولهذا فإن من الطبيعي له أن يعود إلى السماء.  ولعلك لاحظت  أنه يقول إنه،وهو يتكلم على الأرض، موجود أيضاً في السماء.  فهو كلي الوجود.  أو لنقل على الأقل أن وجوده في الجسد لم يحل دون أن يكون فعلاً في حضرة الله بروحه في السماء أيضاً.  وهذه نقطة سنعود إليها في فصل لاحق.

 

خبز الله النازل من السماء

وفي موضع آخر وصف يسوع نفسه بأنه خبز الحياة، أي ما يحتاجه كل إنسان لكي يحيا بقوة الله.  وقال، "لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياةً للناس"يوحنا 6: 33. إن السماء هي مصدر هذا الخبز, وفي هذا توكيد للمكان الذي جاء منه يسوع.

 

مرسل من السماء

وفي نفس الموضع قال يسوع لليهود الذين لم يشاءوا أن يؤمنوا به: "لأني قد نزلت من السماء، ليس لأعمل مشيئتي، بل مشيئة الذي أرسلني."يوحنا 6: 38  فهو إذاً مرسل من الله من السماء لكي يفعل مشيئته الكاملة.

 

رأى الآب قبل الزمن

وفي نفس السياق يقول يسوع: "ليس أن أحداً رأى الآب إل الذي من الله.  هذا قد رأى الآب." يوحنا 6: 46  والإشارة هنا هي إلى الله الذي جاء منه المسيح أكثر منه إلى حيز مكاني.  فالمسيح يقول إنه من الله الآب وإنه قد رأى الله الآب.  ولا شك أنه يشير بهذا إلى زمن سابق لتجسده.

 

خبز مكسور على الصليب

وفي إشارة أخرى إلى نفسه بصفته خبز الحياة، قال يسوع: "أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء.  إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد.  والخبز الذي أنا عطي هو جسدي الذي أبذله من أجل العالم."يوحنا 6: 51  فهو خبز فيه حياة من حياة الله.  وهو خبز نزل من السماء لكي يعطي حياةً أبديةً لمن يقتات عليه. وسيحدث هذا عندما يقدم جسده على الصليب من أجل البشر لكي يحيوا بالإيمان به.

 

سيرجع من حيث جاء

وقال يسوع مخاطباً تلاميذه، "فماذا إن رأيتم ابن الإنسان إلى حيث كان أولاً."يوحنا 6: 62  وهنا يتنب يسوع بأنه سيصعد إلى السماء التي جاء منها في الأصل.

 

هو من فوق

وفي حوار ليسوع مع اليهود الذين قاوموه بضراوة, قال لهم: "أنتم من أسفل، أما أنا فمن فوق.  أنتم من هذا العالم.  أما أنا فلست من هذا العالم". يوحنا 8: 23 يوضح السيد المسيح هنا الفرق بين أصل اليهود الدنيوي وأصله السماوي.  فلا هو من الأرض ولا هو من تحت.  بل هو من فوق، من السماء.  وهذا ما يميزه عن كل من عاش على هذه الأرض.  ولهذا لا يمكن أن يقارن أحد به.

جاء المسيح من الله

وقال يسوع لليهود الذين افتخروا كاذبين بأن الله هو أبوهم: "لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني، لأني خرجت من قبل الله وأتيت.  لأني لم آت من نفسي، بل ذاك أرسلني."يوحنا 8: 42  يفترض في كل من يدعي أن له صلةً وثيقةً بالله أن يحب يسوع المسيح.  فمحبتنا لله وللمسيح أمران لا ينفصلان.  فالمسيح خرج من الله وأتى لكي ينقل إلينا رسالة محبته.

ويقول السيد المسيح لتلاميذه، "الآب نفسه يحبكم، لأنكم قد أحببتموني، وآمنتم أني من عند الله خرجت.  خرجت من عند الآب، وقد أتيت إلى العالم، وأيضاً أترك العالم وأذهب إلى الآب."يوحنا 16: 27-28  وهكذا يكرر يسوع مرةً تلو الأخرى أنه جاء من الله، وأنه راجع إليه.

 

وجود سابق مجيد مع الله الآب

ونأتي الآن إلى حديث مباشر، أو سمه صلاةً إن شئت، من يسوع إلى الله الآب.  يشير يسوع في حديثه هذا إلى وجوده عند الآب قبل ولادته.  يقول: "والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم." يوحنا 17: 5  ويمكن ترجمة تعبير "عند ذاتك" على نحو أفضل إلى "في حضرتك" أو "إلى جانبك."  والفكرة الواضحة هنا لمن له عينان هي أن المسيح قبل مجيئه إلى العالم كان مع الله الآب في حالة مجد دائم.  ولا شك أن هذا يوحي بقوة  بلوهة المسيح.

 

شهد طرد الشيطان من السماء

ويتطرق السيد المسيح إلى حادثة مثيرة كانت كل من السماء والأرض مسرحاً لها. كان السيد نفسه شاهداً على تلك الحادثة التي سبقت كل تاريخ بشري مدون. يقول في الإصحاح العاشر من الإنجيل حسب لوقا:"رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء."يوحنا 12: 53 فيا لها من ركلة قوية تقذف بإبليس بسرعة ضوئية من السماء إلى الأرض!  ويبدو أنه يتحدث هنا عن طرد الشيطان قديماً من محضر الله بعد هزيمة أعوانه أمام جيوش ملائكة الله.  فكان في هذا مذاقاً مسبقاً لانتصار السيد المسيح النهائي عليه.

 

رؤيته لإبراهيم وتضمينات ذلك

ونأتي الآن إلى إحدى المواجهات بين اليهود والمسيح.  فعندما صرح السيد المسيح أنه يعطي الحياة الأبدية لكل من يؤمن به، احتج اليهود.  وقالوا له: "ألعلك أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات؟  والأنبياء ماتوا.  من تجعل نفسك؟" يوحنا 8: 56  لاحظ، رد يسوع عليهم.  قال في سياق جوابه: "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي.  فرأى وفرح."يوحنا 8: 57  أجابه اليهود بين استهجان واستنكار واستغراب:"  ليس لك خمسون سنةً بعد، أفرأيت إبراهيم؟" قال لهم يسوع:  "الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن!"يوحنا 8: 58  إنه لأمر معروف أن إبراهيم ولد ومات قبل قرون طويلة من مولد السيد المسيح.  ويجعلنا هذا ندرك مدى الصعوبة التي واجهت اليهود في فهم كلامه.  ولا شك أن كلام السيد المسيح يتضمن أبعاداً عدة.  إن كان السيد المسيح كائناً قبل إبراهيم، فلا شك أنه أعظم منه بكثير.  ثانياً، توجد أمام اليهود فرصة ثمينة، إذا آمنوا بالمسيح، أن ينتسبوا الآن إلى من هو أعظم بكثير من إبراهيم.  ثالثاً، كانت لدى إبراهيم رؤيا للعصر المسياني أو بدء ملكوت المسيح.  وقد سبق أن رأى ملكوت المسيح بالإيمان ففرح.  وكان سبب فرحه هو أن دعوة الله له، أي لإبراهيم، ستصل إلى ذروتها وتتحقق في المسيح نفسه.  رابعاً، هنالك  احتمال لا يمكن إلغاؤه، وهذا الاحتمال هو أن إبراهيم الموجود الآن في السماء يرى المسيح الآن على الأرض وهو آخذ في إنشاء ملكوته. وهذا هو سبب فرحه.  خامساً، ربما يلمح السيد المسيح هنا أنه هو الذي كان يظهر شخصياً لإبراهيم في العهد القديم ويكلمه.  ويعني هذا أنه هو الله نفسه.  سادساً، إن ما يؤكد هذا التفسير الأخير هو أن المسيح استخدم تعبير "أنا كائن" عن نفسه.  لم يقل "أنا كنت"، بل استخدم تعبراً دال على وجود مستمر لا نهاية له منذ الأزل. ولا يستطيع عقلنا البشري حتى أن يبد بتصور هذا الأزل.  وإن من الجدير بالاهتمام أن تعبير "أنا كائن" في الترجمة السبعينية جاء ترجمةً للتعبير العبري "أهيه الذي أهيه".خروج 3: 14  وهذا هو الاسم الذي قدم به الله نفسه لموسى عندما سأله عن اسمه.  وهذا كلام مباشر جداً لا يحتمل أي تأويل أو تهرب من معناه.  سابعاً، وهنالك أيضاً فكرة ضمنية هنا، ألا وهي أن المسيح هو نفسه خالق إبراهيم.  كانت كل هذه التضمينات أثقل من أن يحتملها اليهود الذين قرروا أن يسدوا أبواب قلوبهم وعقولهم أمام المسيح. فرفعوا حجارةً لكي يرجموه.

 

قصد المسيح أن يعرف الناس عن أزليته

أوضح يسوع بهذه الأقوال لمن حوله أن ولادته البشرية لم تشكل بدايته الفعلية.  وهذا هو المسيح الحقيقي الذي تقدمه كلمة الله. ولقد أذهل مستمعيه على الدوام بحديثه عن أزليته ولاهوته. فهل تنضم  إلى اليهود في رفضهم للمسيح وأقواله؟  أم تفتح قلبك لتدعوه إلى أن يرتاح فيه فيعطيك سلامه الإلهي الأبدي؟

 

أسئلة الفصل الثاني

كيف تختلف ولادة السيد المسيح عن ولادة أي بشر، حسب هذا الفصل؟

لماذا يسوع "هو فوق الجميع" حسب تعبير يوحنا المعمدان؟

لماذا رفع اليهود حجارة لكي يرجموا المسيح عندما قال، "الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن"؟

 


www.agape-jordan.com - 2005