الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

المسيح كملاك الرب (2)

الفصل الثامن

 

سنلقي في هذا الفصل مزيداً من الضوء على شخصية ملاك الرب في العهد القديم.  وسنبين بعض امتيازات المسيح في هذا الدور الذي لعبه في العهد القديم قبل تجسده.

 

الله يعرف موسى بملاك الرب 

كلم الله موسى قديماً مبيناً له أنه سيرسل أمامه ملاك الرب لكي يحمي ويحفظ موسى وشعبه في خروجهم من مصر. وأوضح له بأن ملاك الرب هذا هو الذي سيوصلهم إلى المكان الذي أعده لهم.  لنستمع إلى ما قاله الله: "ها أنا مرسل ملاكي أمام وجهك ليحفظك في الطريق، وليجيء بك إلى المكان الذي أعددته. احترز منه واسمع لصوته ولا تتمرد عليه لأنه لا يصفح عن ذنوبكم، لأن اسمي فيه.  ولكن إن سمعت لصوته وفعلت كل ما أتكلم به، عادي أعداءك وأضايق مضايقيك."خروج 23: 20-22.

 

حضور شخصي لله 

هذا مقطع كتابي باعث على الرهبة والخشوع.  وهو ثري بمعانٍ يجب أن تستوقف بخطورتها كل عقل.  وهي معانٍ تتحدانا لاستكشافها.  يصف الله جل جلاله، وهو المتكلم هنا، ملاكه الذي سوف يرسله أمام موسى وبني إسرائيل.  أولاً، سبق أن وعد الله موسى بأنه سيكون معه ومع شعبه في رحلة الخروج من مصر.  وسيتحقق هذا الوعد شخصياً في وجود ملاك الرب معهم.  فلن يتخلى الله عن هذا الدور بتفويضه لمن هو غيره أو أقل منه.  وهو لن يتخلى عن تلك العلاقة الشخصية المباشرة مع شعبه.

 

مسؤولية هائلة في الحفظ تتطلب قدرات هائلة 

ثانياً، ستكون مهمة ملاك الرب هذا هي أن يحفظ موسى وجماعته الكثيرة العدد الخارجة من مصر.  وهو عدد يصل إلى ملايين، ستكون له حاجات كثيرة.  والحفظ بأبعاده أمر ليس مؤهلاً لتوليه غير الله نفسه.

 

هو الدليل إلى السلامة وإلى الله 

ثالثاً، سيكون ملاك الرب هذا هو المرشد والدليل لموسى وشعبه. فلا ينبغي لهم أن يعتمدوا على ذكائهم في شق طريقهم. فالملاك هذا هو وحده الذي يعرف الطريق. وهو وحده يعرف المكان الذي أعده الله لهم.  ولا بد لمن لا يقبل بهديه وإرشاده أن يتوه في البرية. ويذكرنا هذا بقول السيد المسيح:"أنا هو الطريق والحق والحياة؛ ليس أحد يأتي إلى الآب إل بي."يوحنا 14: 6. وإن من يهدينا إلى الله الآب هو الوحيد المؤهل لهدايتنا في هذه الحياة.

 

يجب أن يتقي موسى والشعب ملاك الرب 

رابعاً، يجب أن يكون موسى وشعبه حذرين في التعامل مع هذا الملاك.  يجب أن يعرفوا ما يرضيه وما يغضبه.  "احترز منه"، أي "اتق ملاكي هذا.  فكما تحسب حساباً لي ولمرضاتي، احسب حساباً لملاكي أيضاً على نفس المستوى.  وإن اتقيته فإنك تتقيني.  وإن لم تراع حدوده، فسيصيبك عقابه".

 

طاعته واجبة لتجنب العقاب 

خامساً: "اسمع لصوته ولا تتمرد عليه."  يجب أن يطاع ملاك الرب هذا. فصوته هو نفس صوت الله الذي يقول في العهد الجديد: "هذا هو ابني الحبيب؛ له اسمعوا."لوقا 9: 35.  ويقول بولس رسول المسيح بوحي الله إن خدمته للمؤمنين هدفت إلى أسر "كل فكرٍ إلى طاعة المسيح." 2 كورنثوس 10: 5.  وهو يستخدم تعبير طاعة المسيح في مستوى موازٍ لطاعة الله.  وهو يستخدم اسم "المسيح" كمرادفٍ لاسم الله.  ولا توجد طاعة لله دون طاعة المسيح.  فالتمرد على المسيح، أي ملاك الرب, هنا هو التمرد على الله نفسه.

 

يمنع ويمنح الغفران 

سادساً، يقدم الله المتكلم في النص السبب الكامن وراء تحذيره لموسى والشعب من التمرد على ملاك الرب.  يقول، "لأنه لا يصفح عن خطاياكم."  يقول الله صراحةً إن ملاك الرب هذا يحمل سلطة منع غفران الخطايا.  فالغفران في يده.  وهو بهذا يكشف عن هويته.  ومن يقدر أن يمنع فهو يقدر بالضرورة أن يمنح أيضاً.  فالخطايا موجهة ضده، وهو الذي يقدر أن يزنها.  وفي العهد الجديد لم يتردد المسيح في أن يعلن غفرانه لشخصٍ ارتكب خطايا ضد الله.  فقد قال لرجلٍ مفلوج حمله أصدقاؤه إليه: "يا بني، مغفورة لك خطاياك." مرقس 2: 5.  لم يكن اليهود الحاضرون يعرفون هوية يسوع، فقالوا: "لماذا يتكلم هذا بتجاديف؟ "  ثم تساءلوا وهم محقون في تساؤلهم: "من يقدر أن يغفر خطايا إل الله وحده؟" مرقس 2: 7.   غير أن هذا هو تماماً المبرر والأساس لما فعله يسوع.  وشفى الرجل المفلوج من مرضه مثبتاً أنه قادر على أن يبرئ النفس من الخطية والجسد من المرض.  ولا يتردد بولس رسول المسيح في أن يحض بوحي الله المؤمنين قائلاً: "مسامحين بعضكم بعضاً إن كان لأحدٍ على أحدٍ شكوى، كما غفر لكم المسيح، هكذا أنتم أيضاً."كولوسي 3 :13.  ويقدر المسيح أن يغفر الخطايا لأنه هو أيضاً الذي دفع حياته من أجلها.  فألغى على الصليب كل دينٍ من الخطايا لله على البشر. كولوسي 2: 14.  ويبقى على البشر أن يقبلوا هذا.

 

يشترك مع الله في اسمه 

سابعاً، يقدم الله، وهو المتكلم في نص سفر الخروج، الأساس لكل ما سبق أن قاله عن ملاكه.  سيقول لموسى لماذا هو موجود معهم شخصيا من خلال هذا الملاك.  وسيشرح له سبب قدرة هذا الملاك على حفظهم وهدايتهم.  وسيعرف موسى على أي أساسٍ طلب إليه أن يتقيه ويسمع صوته ولا يتمرد عليه.  وسيذكر له صراحةً لماذا يقدر هذا الذي سماه ملاكه أن يمنع ويمنح الغفران عن الخطايا.  يقول في ذروة حديثه: "لأن اسمي فيه."  إن المعنى هنا أوضح من أن يفوت الإنسان العاقل.  إن اسم الله فيه.  إنه لا يحمل اسم الله بمعنى أنه ملاك مضاف اسمه إلى الله في لقب "ملاك الله".  فهناك الكثيرون ممن يتضمن اسمهم لفظ الجلالة في صيغة المضاف إليه، مثل عبد الله ونصر الله, لكن اسم الله ليس فيهم.   وليس اسم الله في هذا الملاك بمعنى أنه تابع لله أدنى منه.  فالتابعون لله من البشر يدعى عليهم اسم الله.  فمثلاً يصف الله في سفر عاموس الأمم المؤمنة به بصفتها "جميع الأمم الذين دعي اسمي عليهم." عاموس 9: 12.  لكن ملاك الله هذا مختلف اختلافاً جذرياً وجوهرياً.  فاسم الله هنا ليس "عليه" بل "فيه"، أي في طبيعته وجوهره.  إنه يشترك مع الله في اسم يهوه.  إن الاسم هو أمر شخصي جداً وملكية خاصة.  ليس الاسم مشاعاً قابلاً للتوسيع والتوزيع.  ولهذا فإن اتخاذ الملاك هذا اسم يهوه أمر تحتمه طبيعته الخاصة وعلاقته الخاصة مع الله.  وهذا أمر أكده المسيح نفسه وهو يوكل بسلطانه الإلهي المطلق لتلاميذه ما يعرف باسم "المأمورية العظمى".  قال لهم في متى 28: 19:" اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس." ويدل هذا في ما يدل على المساواة والوحدة والتصنيف في ذات الفئة في نفس الوقت.  ولا بد أن يلاحظ المرء هنا أن المسيح يجمع نفسه والآب إلى جانب الروح القدس تحت اسمٍ واحدٍ على الرغم من وجود "واو" الوصل.  فلم يقل:" بأسماء الآب والابن والروح القدس." ولم يقل:" باسم الآب وباسم الابن وباسم الروح القدس."  فنحن نتحدث هنا عن نفس الجوهر الإلهي الواحد.

 

اسم(طبيعته) الله يظهر جلياً في اسمه  

ولقد عرف داود قديماً أن اسم الله, أي طبيعته, يظهر في أكمل صورةٍ في كلمته الأزلي, أي المسيح.  ولعل هذا هو ما قصده بقوله مخاطباً الله بالروح:"عظمت كلمتك على كل اسمك."مزمور 138: 2  فكلمة الله هي الله نفسه معلناً.

 

المسيح يشترك مع الله في اسمه

ومن الواضح أن المرء حين يتكلم عن ملاك يهوه، فإنه لم يخرج عن دائرة الذات الإلهية.  ويأخذ هذا الملاك اسم يهوه كما يأخذ الابن اسم أبيه.  فنحن لسنا أمام ملاكٍ من فصيلة ملائكة الله.  ولهذا يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين عن المسيح ابن الله: "وصار أعظم من الملائكة بقدر ما ورث اسماً أفضل منهم".عبرانيين 1: 4.  تخبرنا هذه الآية الكتابية أن المسيح حصل على لقب "ابن الله" بالوراثة.  فالابن يرث اسم أبيه.  وبما أن هذا الاسم موروث، فربما كان خطأً أن نسميه لقباً أصلاً.  وهكذا يحمل المسيح اسمين:  الله وابن الله.  فهل في هذا تناقض؟  إن كان ابن الله فكيف يكون الله في نفس الوقت.  والجواب هو أنه يسمى الله على اعتبار جوهره الذاتي.  فجوهره هو اللاهوت نفسه.  وهو ابن الله عندما نشير إليه في علاقته بأبيه الذي يحمل نفس جوهر اللاهوت الذي يحمله الابن.  وسنحاول تقريب هذا الأمر إلينا من اختبارنا البشري، مع مراعاة الفروق الكبيرة المحتومة.

 

مثل تقريبي باهت: الفرد الواحد إنسان وابن إنسان! 

فأنت أخي الكريم إنسان وابن إنسان.  أنت إنسان في ذاتك، لأنك تمتلك كل مقومات الإنسان أو السمات التي تجعلك ضمن هذه الفئة.  وأنت أيضاً ابن إنسانٍ، لأنك ابن لأبيك.  وأبوك هو إنسان يملك كل مقومات الإنسان أو السمات الذي تميزه.  فهو مثلك وأنت مثله.  وهذا يجعلك إنساناً وابن إنسانٍ في نفس الوقت.  ويتوقف وجه الشبه هنا ,بهذا المعنى الضيق فقط.  فالعلاقة بين الله وابن الله تختلف في وجوهٍ لا حصر لها عن علاقتك بأبيك.  فأنت مستقل عنه وجوداً وتاريخاً وكياناً وفكراً وعاطفةً ومواقف وقدراتٍ وتخطيطا ومصيراًً.  أما يسوع فقال عن علاقته بالله: "أنا والآب واحد".يوحنا 10: 30.  وهنالك فرق آخر واضح.  فكل الأبناء من البشر يشتركون معك في علاقةٍ مماثلة.  فكل ابنٍ منهم هو إنسان وابن إنسان, مع وجود وضعٍ خاص لآدم بطبيعة الحال.  أما بالنسبة لله وابن الله، فلا يوجد نظير لعلاقتهما, لأنه لا يوجد إل إله واحد.

 

أسئلة الفصل الثامن

في خروج 23، ما هي وظيفة ملاك الرب؟

ما معنى وجود اسم الله في ملاك الرب- "اسمي فيه"؟

لماذا طلب الله من موسى وشعب إسرائيل أن يحترزوا من ملاك الرب؟

أعط مثالاً من العهد الجديد على أن المسيح يغفر الخطايا؟

 


www.agape-jordan.com - 2005